اعلم أن قوله :﴿آتيناك سَبْعًا﴾ يحتمل أن يكون سبعاً من الآيات وأن يكون سبعاً من السور وأن يكون سبعاً من الفوائد.
وليس في اللفظ ما يدل على التعيين.
وأما المثاني : فهو صيغة جمع.
واحده مثناة، والمثناة كل شيء يثنى، أي يجعل اثنين من قولك : ثنيت الشيء إذا عطفته أو ضممت إليه آخر، ومنه يقال : لركبتي الدابة ومرفقيها مثاني، لأنها تثنى بالفخذ والعضد، ومثاني الوادي معاطفه.
إذا عرفت هذا فنقول : سبعاً من المثاني مفهومه سبعة أشياء من جنس الأشياء التي تثنى ولا شك أن هذا القدر مجمل ولا سبيل إلى تعيينه إلا بدليل منفصل وللناس فيه أقوال : الأول : وهو قول أكثر المفسرين : إنه فاتحة الكتاب وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وأبي هريرة والحسن وأبي العالية ومجاهد والضحاك وسعيد بن جبير وقتادة، وروي أن النبي ﷺ قرأ الفاتحة وقال : هي السبع المثاني رواه أبو هريرة، والسبب في وقوع هذا الاسم على الفاتحة أنها سبع آيات، وأما السبب في تسميتها بالمثاني فوجوه : الأول : أنها تثنى في كل صلاة بمعنى أنها تقرأ في كل ركعة.
والثاني : قال الزجاج : سميت مثاني لأنها يثنى بعدها ما يقرأ معها.
الثالث : سميت آيات الفاتحة مثاني، لأنها قسمت قسمين اثنين، والدليل عليه ما روي أن النبي ﷺ قال :" يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " والحديث مشهور.
الرابع : سميت مثاني لأنها قسمان ثناء ودعاء، وأيضاً النصف الأول منها حق الربوبية وهو الثناء، والنصف الثاني حق العبودية وهو الدعاء.
الخامس : سميت الفاتحة بالمثاني، لأنها نزلت مرتين مرة بمكة في أوائل ما نزل من القرآن ومرة بالمدينة.


الصفحة التالية
Icon