السادس : سميت بالمثاني، لأن كلماتها مثناة مثل :﴿الرحمن الرحيم﴾ [ الفاتحة : ٣ ] ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدنا الصراط المستقيم * صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [ الفاتحة : ٥-٧ ] وفي قراءة عمر :( غير المغضوب عليهم وغير الضالين ).
السابع : قال الزجاج : سميت الفاتحة بالمثاني لاشتمالها على الثناء على الله تعالى وهو حمد الله وتوحيده وملكه.
واعلم أنا إذا حملنا قوله :﴿سَبْعًا مّنَ المثاني﴾ على سورة الفاتحة فههنا أحكام : الحكم الأول : نقل القاضي عن أبي بكر الأصم أنه قال : كان ابن مسعود يكتب في مصحفه فاتحة الكتاب رأى أنها ليست من القرآن.
وأقول : لعل حجته فيه أن السبع المثاني لما ثبت أنه هو الفاتحة.
ثم إنه تعالى عطف السبع المثاني على القرآن، والمعطوف مغاير للمعطوف عليه وجب أن يكون السبع المثاني غير القرآن، إلا أن هذا يشكل بقوله تعالى :
﴿وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح﴾ [ الأحزاب : ٧ ] وكذلك قوله :﴿وملائكته ورسله وجبريل وميكال﴾ [ البقرة : ٩٨ ] وللخصم أن يجيب : بأنه لا يبعد أن يذكر الكل، ثم يعطف عليه ذكر بعض أجزائه وأقسامه لكونه أشرف الأقسام، أما إذا ذكر شيء ثم عطف عليه شيء آخر كان المذكور أولاً مغايراً للمذكور ثانياً، وههنا ذكر السبع المثاني، ثم عطف عليه القرآن العظيم، فوجب حصول المغايرة.
والجواب الصحيح : أن بعض الشيء مغاير لمجموعه، فلم لا يكفي هذا القدر من المغايرة في حسن العطف، والله أعلم.
الحكم الثاني : أنه لما كان المراد بقوله :﴿سبعاً من المثاني﴾ هو الفاتحة، دل على أن هذه السورة أفضل سور القرآن من وجهين : أحدهما : أن إفرادها بالذكر مع كونها جزءاً من أجزاء القرآن، لا بد وأن يكون لاختصاصها بمزيد الشرف والفضيلة.
والثاني : أنه تعالى لما أنزلها مرتين دل ذلك على زيادة فضلها وشرفها.


الصفحة التالية
Icon