وإذا ثبت هذا فنقول : لما رأينا أن رسول الله ﷺ واظب على قراءتها في جميع الصلوات طول عمره، وما أقام سورة أخرى مقامها في شيء من الصلوات دل ذلك على أنه يجب على المكللف أن يقرأها في صلاته وأن لا يقيم سائر آيات القرآن مقامها وأن يحترز عن هذا الإبدال فإن فيه خطراً عظيماً والله أعلم.
القول الثاني : في تفسير قوله :﴿سبعاً من المثاني﴾ إنها السبع الطوال وهذا قول ابن عمر وسعيد بن جبير في بعض الروايات ومجاهد وهي : البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة معاً.
قالوا : وسميت هذه السور مثاني، لأن الفرائض والحدود والأمثال والعبر ثنيت فيها وأنكر الربيع هذا القول.
وقال هذه الآية مكية وأكثر هذه السور السبعة مدنية.
وما نزل شيء منها شيء منها في مكة، فكيف يمكن حمل هذه الآية عليها.
وأجاب قوم عن هذا الإشكال : بأن الله تعالى أنزل القرآن كله إلى السماء الدنيا.
ثم أنزله على نبيه منها نجوماً، فلما أنزله إلى السماء الدنيا، وحكم بإنزاله عليه، فهو من جملة ما آتاه، وإن لم ينزل عليه بعد.
ولقائل أن يقول : إنه تعالى قال :﴿ولقد آتيناك سبعاً من المثاني﴾ وهذا الكلام إنما يصدق إذا وصل ذلك الشيء إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
فأما الذي أنزله إلى السماء الدنيا وهو لم يصل بعد إلى محمد عليه السلام، فهذا الكلام لا يصدق فيه.
وأما قوله بأنه لما حكم الله تعالى بإنزاله على محمد ﷺ كان ذلك جارياً مجرى ما نزل عليه فهذا أيضاً ضعيف، لأن إقامة ما لم ينزل عليه مقام النازل عليه مخالف للظاهر.