فصل


قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم﴾ فاعلم أنه تعالى لما عرف رسوله عظم نعمه عليه فيما يتعلق بالدين، وهو أنه آتاه سبعاً من المثاني والقرآن العظيم، نهاه عن الرغبة في الدنيا فحظر عليه أن يمد عينيه إليها رغبة فيها وفي مد العين أقوال :
القول الأول : كأنه قيل له إنك أوتيت القرآن العظيم فلا تشغل سرك وخاطرك بالإلتفات إلى الدنيا ومنه الحديث :" ليس منا من لم يتغن بالقرآن " وقال أبو بكر : من أوتي القرآن فرأى أن أحداً أوتي من الدنيا أفضل مما أوتي فقد صغر عظيماً وعظم صغيراً، وقيل : وافت من بعض البلاد سبع قوافل ليهود بني قريظة والنضير، فيها أنواع البز والطيب والجواهر وسائر الأمتعة، فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها ولأنفقناها في سبيل الله تعالى فقال الله تعالى لهم : لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير من هذه القوافل السبع.
القول الثاني : قال ابن عباس :﴿لا تمدن عينيك﴾ أي لا تتمن ما فضلنا به أحداً من متاع الدنيا، وقرر الواحدي هذا المعنى فقال : إنما يكون ماداً عينيه إلى الشيء إذا أدام النظر ونحوه، وإدامة النظر إلى الشيء تدل على استحسانه وتمنيه، وكان ﷺ لا ينظر إلى ما يستحسن من متاع الدنيا، وروي أنه نظر إلى نعم بني المصطلق، وقد عبست في أبوالها وأبعارها فتقنع في ثوبه وقرأ هذه الآية وقوله عبست في أبوالها وأبعارها هو أن تجف أبوالها وأبعارها على أفخاذها إذا تركت من العمل أيام الربيع فتكثر شحومها ولحومها وهي أحسن ما تكون.


الصفحة التالية
Icon