وإنا لفي الدنيا كركب سفينة نظن وقوفا والزمان بنا يسري
واستدل بهذه الآية على جواز ركوب البحر للتجارة بلا كراهة، وإليه ذهب الكثير، وأخرج عبد الرزاق بن عمر أنه كان يكره ركوب البحر إلا لثلاث :
غاز أو حاج أو معتمر.
وجاء في رواية أخرى : لا يركب البحر إلا غاز أو
حاج أو معتمر، مصدر بالنهي وممنطق بالحصر.
قال تعالى "وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ" لأنه تعالى لما خلقها خلقها طائفة عائمة، فصارت تمور وتتحرك بالهواء، فأثقلها بالجبال راجع الآية ٩ من سورة لقمان والآية ١٩ من سورة الحجر المارتين والآية ٢ من سورة الرعد في ج ٣، "وَأَنْهاراً" جعل فيها للشرب والسقي وغيرها "وَسُبُلًا" طرقا وفجاجا تسلكونها بأسفاركم في السهل والجبل "لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" ١٥ إلى المكان الذي تريدونه فلا تضلون قصدكم ولا يصعب عليكم بلوغه "وَعَلاماتٍ" جعل فيها أيضا لتستدلون بها على المواقع كالجبال والوديان والروابي والأنهار والأشجار والعيون في تنقلاتكم النهارية "وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ" ١٦ في الليل كالثريا وسهيل والجدي وبنات نعش والفرقدين والبلدة والقلادة والنثرة والعبور والميزان، فإنها ترشدكم على القبلة والشمال والشرق والغرب تهتدون بها إلى قصدكم بمعرفة الجهات الطالعة منها والسائرة إليها.
ولما ذكر اللّه تعالى من عجائب صنعه وغرائب إبداعه وعظيم حكمته مما هو مخلوق له وكل شيء مخلوق له قال على سبيل الإنكار لتاركي عبادته مع هذه النعم التي غمرهم بها "أَ فَمَنْ يَخْلُقُ" أيها الناس مثل هذه المخلوقات العظيمة "كَمَنْ لا يَخْلُقُ" شيئا مثل أوثانكم وتساوون هذا الخلاف الجليل بها مع أنها عاجزة عن حفظ نفسها "أَ فَلا تَذَكَّرُونَ" ١٧ أن مخلوقاته كلها بما فيها أوثانكم التي لا تخلق ولا ترزق لا تستحق للعبادة، فكيف تعبدونها وتتركون عبادة الحق القادر على كل شيء.