هذا، وقد عبر اللّه تعالى عن الأوثان بلفظ من الدالة على من يعقل مع أنها جمادات وينبغي أن يعبر عنها بلفظ ما الموضوعة لما لا يعقل لأنهم لما سموها آلهة أجريت مجرى من يعقل على زعمهم، فخاطبهم جل جلاله على قدر عقولهم فيها وفي الآية الآتية بعد "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها" يا بني آدم لأنها كثيرة منها ظاهرة ومنها خفية، ومنها ما أنتم متيقظون لها وما أنتم غافلون عنها لا تعرفون قدرها، لأن المعافى الآمن لا يعرف نعمتهما إلا عند طروء الخوف والمرض، والسميع البصير لا يعرف نعمتهما إلا عند فقدهما، وكذلك بقية الأعضاء والمأكولات والمشروبات والملبوسات والمركوبات والأموال والأولاد والنساء والسكن لا يعلم قدرها إلا عند
زوالها، وقد أنعم اللّه نعما كثيرة لا يحصيها إلا هو "إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ" لعباده إذا نسوا نعمه فتيقظوا وتابوا وقاموا بشكرها "رَحِيمٌ" ١٨ بهم يعفو عما سلف منهم ومن رحمته التجاوز عن قصورهم وتكثير نعمه عليهم وإمهالهم بالعقوبة ليرجعوا إليه "وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ" ١٩ من أقوالكم وأفعالكم "وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ" وتسمونها آلهة "لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً" مما ذكر أبدا "وَهُمْ يُخْلَقُونَ" ٢٠ بصنعكم وبعمل أيديكم التي هي من خلقنا، ولا تكرار هنا لأن الآية الأولى دلت على أنها لا تخلق شيئا، وهذه تدل على أنها نفسها مخلوقة ففيها زيادة في المعنى ونادرة أخرى وهي