و لما رأوه من الإهانة، فقال لهم الذين أوتوا العلم "بَلى " كنتم تعملون الأسواء كلها في دنياكم فلا تنكروا "إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" ٢٨ فيحق عليهم القول وتقول لهم الملائكة "فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ" ٢٩ عن اتباع الرسل والإيمان بهم جهنم.
وذكر الأبواب في الآية دليل على تفاوت منازل أهل النار في العذاب، وذكر الخلود لزيادة همهم وغمهم وحزنهم بقطع أملهم
من الخلاص "وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا" بعد إنهاء حال الكفرة، وقد أفردوا بالذّكر ليطلعوا على حال الكافرين ومصيرهم فيفرحوا ويتم سرورهم بثمرة أعمالهم التي كان الكفرة يضحكون منها وتقر أعينهم بانتقام اللّه تعالى لهم منهم فيدخلون الجنة وقد أمنوا على أنفسهم وعرفوا حال أعدائهم "ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ" على رسلكم "قالُوا خَيْراً" نصب على تقدير أنزل فاطبق الجواب على السؤال لأن القول لا ينصب المفرد ورفع أساطير بالآية الأولى ٢٤ على تقدير حذف المبتدأ المقدر وهو هو وأساطير خبره، ولأنهم عدلوا بالجواب عن السؤال ولم يعتقدوا كونه منزلا، فلم يستحسن الوقف على أساطير لعدم تمام الكلام واستحسن الوقف في هذه الآية على (خيرا) لتمام الكلام، ولهذا حسن الابتداء بقوله "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ" لهم من الدنيا لقوله تعالى "وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ" ٣٠ في الآخرة التي هي