٣٣ بما عملوا من الخبائث "فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا" في دنياهم "وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ" ٣٤ على الرسل وما جاءوهم به من عندنا جزاء كسبهم هذا بما لا تطيقه أجسامهم "وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْ ءٍ"
وهذا القول منهم على سبيل السخرية والاستهزاء، ولو قالوه اعتقادا جازما لأصابوا المرمى، ويؤذن قولهم أن لا فائدة من بعثة الرسل، لأن المشيئة اللّه، لو أراد لم يحرم شيئا ولم نعبد شيئا، وهذا أيضا اعتراض منهم على اللّه جار مجرى العلة في أحكام اللّه تعالى، وهو باطل لأنه لا يجوز أن يقال لم فعل اللّه كذا، ولم لم يفعل كذا، لأن أفعال اللّه لا تقلل، وكان في حكمة اللّه تعالى وسنته إرسال الرسل ليأمروا عباده بعبادته، وينهوهم عن الإشراك به والتعدي على الغير، وإن الهداية والإضلال أمرهما في الحقيقة إليه، وهذه سنته في عباده يهدي من يشاء ويضل من يشاء لا اعتراض عليه.
ولما كانت سنته بإرسال الرسل إلى الكافرين قديمة لا محدثة ولا طارئة ولم يبتدعها ببعثة محمد صلّى اللّه عليه وسلم فيهم كان قولهم (لو شاء اللّه) إلخ جهلا، لاعتقادهم أن كون الأمر كذلك يمنع من جواز بعثتهم وهو أيضا اعتقاد باطل.


الصفحة التالية
Icon