قال تعالى "كَذلِكَ" مثل فعلهم هذا "فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ" إذ كذبوا الرسل وأحلوا ما حرم اللّه وحرموا ما أحله "فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ" ٣٥ هذا استفهام تقريري، أي ليس عليهم إلا التبليغ القولي وليس عليهم قسرهم على الإيمان وجبرهم على الهداية وإجبارهم على الرشد، راجع الآية ١٤٩ من سورة الأنعام المارة "وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا" كما بعثناك في أهل مكة وأمرنا كلا من الرسل أن يقولوا لقومهم "أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ" مبالغة في الطغيان والطاغية ويطلق على كل من عبد من دون اللّه حاشا الملائكة وعزيز وعيسى وعلي عليهم السلام وغيرهم من الصالحين لعدم علمهم ورضاهم "فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ" فتاب وأناب واتبع طريقهم الموصل إليه ففاز برضائه "وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ" فلم ينتفعوا بهدى رسولهم لسابق ثقائهم في علم اللّه وإرادته إضلالهم لسوء طويتهم فهلكوا وخابوا وخسروا الدنيا والآخرة، وهذه الآية كافية للدلالة على أن اللّه تعالى هو الهادي والمضل دون اعتراض، إذ لا يقع في ملكه إلا ما يريد "فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا" أيها الناس "كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" ٣٦ حيث بقيت مساكنهم خاوية بسبب العذاب الذي حل


الصفحة التالية
Icon