قال تعالى (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) لا يتبدل حكمها ولا يتغير معناها من بدء الكون إلى آخره (وأخر متشابهات) إلى أن قال (لا يعلم تأويله إلا اللّه والراسخون في العلم) وهم الأنبياء فمن دونهم ممن هو على آثارهم في العلم والعمل، وسيأتي لهذا البحث صلة في الآية ٧ من آل عمران في ج ٣
بصورة مسهبة إن شاء اللّه.
واعلم أن القائل بهذا قائل بأن الحديث ينسخ القرآن وهو قول لا وجه له، كيف وقد قال تعالى (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) الآية ٦٦ من سورة يونس المارة، والنسخ بالسنية تبديل فكيف يجوز أن يقال به فضلا عن أن جهابذة الأصوليين لم يعترفوا به، وما قيل بجوازه فهو قيل ضعيف مستنده حديث الترمذي وغيره (لا وصية لوارث) بأنه نسخ آية (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) الآية ١٨٦ من سورة البقرة ج ٣، مع أن هذه الآية مخصصة بآية المواريث الآتية في سورة النساء كما سيأتي بحثها إن شاء اللّه، وقد ألمعنا إلى بطلانه في المقدمة في بحث النسخ، وسيأتي توضيحه في الآية ١٠٦ من سورة البقرة ج ٣ عند قوله تعالى (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) إلخ، واعلم أنه لا يجوز بوجه من الوجوه أن يؤخذ بالحديث إذا عارض ظاهر القرآن، وهو دليل على عدم صحته، لأنه لا يتصور أن بصدر من حضرة الرسول قول يخالف ظاهر كلام اللّه، كيف وهو الذي لا ينطق عن هوى وعليه أنزل القرآن وهو دليله وحجته وبرهانه.


الصفحة التالية
Icon