ونظير هذه الآية الآية ٦٨ من سورة يس في ج ١ وهي (ومن نعمره ننكه في الخلق) أخرج بن مردويه عن علي كرم اللّه وجهه أن أرذل العمر خمس وسبعون سنة، وهو يختلف باختلاف الأمزجة والأمكنة، فربّ معمر لم تنقص قواه وغير معمر فسدت جوارحه، والتقيد بالسن مبني على الغالب.
روى البخاري ومسلم عن أنس قال : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات.
قال :
لا طيب للنفس ما دامت منغّصة لذاته بادكار الشيب والهرم
وهذا يعم المؤمن والكافر ولا وجه لتخصيصه بالكافر، لأن ظاهر الآية أو الحديث ينافي ذلك التخصيص لمجيئها على الإطلاق، وقد أوردنا في قوله تعالى (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) الآية من سورة والتين المارة في ج ١ أن الصالح قد لا يخرف، وليس كل صالح نراه هو صالح في الحقيقة، فكم صالح قد يبتليه اللّه تعالى بأمراض مزمنة لزيادة درجاته في الجنة، وما جاء عن عكرمة أن من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر ليس على إطلاقه لأنا شاهدنا علماء وقراء فلجوا وخرفوا، ورأينا على العكس من يعمر ويموت بكمال عقله بل وقواه وجوارحه، وإن شيخنا الشيخ حسين الأزهري مفتي الفرات ومدرسها عاش ١٢٧ سنة ولم يفقد من قواه شيئا وخاصة ذاكرته، تغمده اللّه برحمته التي يختص بها من يشاء ولم نر أورع منه "إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ" بكل شيء قبل خلقه وما يؤول إليه بعد خلقه وبعد موته "قَدِيرٌ" ٧٠ على تبديل الخلق من حال إلى حال


الصفحة التالية
Icon