"وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" فوسعه علي أناس وضيقه على آخرين، وكما فضلوا بالرزق فضلوا بالخلق والخلق والعقل والصحة والحسن والعلم والصوت والمعرفة وغير ذلك فهم منقادون إلى ما قدر لهم في الأزل متفاوتون في كثير من الأشياء بمقتضى الحكمة الإلهية، ولكن "فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ" معطيه ومضيفيه "عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ"
من الإماء والعبيد لأنهم لا يرضون أن يتساووا معهم فيه طلبا للتفاضل الذي هو غريزة في البشير "فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ" من حيث المعيشة لا من حيث الملكية، لأنها خاصة بالأسياد، فإذا كان البشر لا يرضي التساوي مع بعضه، فكيف أنتم يا أهل مكة تساوى أصنامكم مع اللّه، والملائكة معه في العبادة وهم عباده، وكيف يرضى اللّه أن تجعلوا عبيده وخلقه شركاء معه "أَ فَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ" ٧١ أولئك الكفرة يأكلون رزقه ويعبدون غيره وينكرون نعمه "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ" أيها الناس "مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً" من جنسكم ونوعكم والخطاب يشمل آدم فمن دونه ومن خصصه بآدم نظر إلى أن اللّه خلق زوجته منه، إلا أن جمع الأنفس والأزواج يأباه، واستدل بعضهم في هذه الآية على عدم جواز نكاح الجن، ولفظ الآية يدل على الجنس، إذ لا يحصل الإنس بغيره، قال تعالى (لِتَسْكُنُوا إِلَيْها) الآية ٢١ من الروم الآتية، وقال تعالى (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ) الآية ١٨٨ من البقرة في ج ٣، فيبعد أن يكون من غير جنسه لأن الإنس فيها بعد قضاء الحاجة غير متصور، "وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً" الحافد لغة المسرع في الخدمة المسارع إلى الطاعة، ومنه قول القانت (وإليك نعى ونحفد) في دعاء القنوت لدى السادة الحنفية، وشرعا على ولد الولد، وإنما خص الحفدة لأنهم قد يكونون أحب إليهم من أولادهم، قال :