وهذه أجمع آية في القرآن للخير والشر، ولذلك اعتاد الخطباء قراءتها على المنابر يوم الجملة لأنها عظة جامعة للمأثورات والمنهيّات، قالوا إن أول من قرأها على المنبر الإمام العادل عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه، وهو الذي منع سبب سيدنا علي كرم اللّه وجهه على المنبر الذي اعتاده من قبله من ملوك الأمويين عليهم ما يستحقونه من اللّه إذا كان وقع منهم ذلك، فيكون رضي اللّه عنه قد أبدل الشر بالخير كما أبدل حضرة الرسول الكفر بالإيمان، قال عبد اللّه بن عباس : مررت بقوم يسبون عليا وكان معي العباس فقال لي خذني إليهم فلما أوقفته عليهم، قال لهم أيكم السابّ للّه ؟ قالوا لا أحد، قال أيكم الساب لرسول اللّه ؟ قالوا لا أحد، قال أيكم الساب
لعلي ؟ قالوا أما هذا فقد وقع، فقال إني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول : من سب عليا فقد سبّني، ومن سبني فقد سبّ اللّه تعالى، ومن سب اللّه فقد كفر.
ثم تركهم وأدبرنا، فقال لي كيف رأيتهم حينما سمعوا ما قلت ؟ فقلت له يا أبت :
نظروا إليك بأعين محمرة نظر الذليل إلى العزيز القاهر
فقال زدني يا بني، فقلت :
زرق الوجوه مصفرة ألوانهم نظر التيوس إلى شفار الجازر
فقال زدني، فقلت :
أحياؤهم تنعى على أمواتهم ومسبة أمواتهم للغابر
فقال لا فض اللّه فاك يا بني.
الحكم الشرعي : اختلف العلماء رحمهم اللّه في حكم من سب الصحابي على أقوال أصحها أنه يفسق، والحديث على فرض صحته جار مجرى التهديد.
قال بعض أهل العلم : لو لم يكن في القرآن غير هذه الآية لكفت في كونه تبيانا لكل شيء.
وقال أهل المعاني ما من شيء يحتاج إليه الناس في أمر دينهم مما يجب أن يؤتى أو يترك إلا وقد اشتملت عليه هذه الآية.