وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاص قال : كنت عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم جالسا إذ شخص بصره، فقال أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع، أي بموضعها هذا من هذه السورة.
وهذا يؤذن بأن نزولها كان متأخرا عنها، وهذا مغزى ما ذكرناه في المقدمة، وفي الآية ١٠٠ من سورة الكهف المارة.
قال تعالى "وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ" أحدا باسم اللّه تعالى، لأنه من آكد الحقوق، وقدمنا ما يتعلق بالعهود في الآية ٣٤ من سورة الإسراء فراجعها.
الحكم الشرعي : وجوب الوفاء به إذا كان فيه صلاحا، وإلا فلا، قال صلّى اللّه عليه وسلم :
من خلف يمينا ثم رأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
لأن العهد يمين وكفارته كفارة يمين وهذا من العام المخصص بالسنة، قالوا إن هذه الآية نزلت في الذين بايعوا حضرة الرسول في الموسم قبل الهجرة، وسيأتي بيانها إن شاء اللّه في الآية ١٠ من سورة الممتحنة والفتح في ج ٣، وبعد أن أمر اللّه تعالى بإيفاء العهد نهى عن النكث فيه فقال "وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها" باسم اللّه تعالى فتحنثوا، وكيف يليق بكم ذلك "وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا" على الوفاء به وهو الشهيد على كل شيء "إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ" ٩١ من الوفاء والبر والنقض والحنث، ثم ضرب اللّه مثلا لنقض العهد فقال "وَلا تَكُونُوا" أيها المعاهدون المؤكدون عهودكم بالأيمان "كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ" في إبرامه وإحكامه وجملة (من بعد قوة) معترضة بين ما قبلها


الصفحة التالية
Icon