تنقاد له الخلق أجمع ويوقى له بما يريده منهم، لأن هذه المعاهدة هي التي سببت الهجرة إلى المدينة إذ جعلت لهم أصحابا فيها، فكذلك أكد اللّه تعالى عليها هذه التأكيدات لإيجاب الإيفاء بها، وهكذا كل عهد لعموم لفظ الآية، وإياكم أيها الناس أن تأخذوا لقاء نقضه "ثَمَناً" ثم وصف هذا الثمن بكونه "قَلِيلًا" لأنه مهما كثر فهو قليل بنسبة نقض العهد الذي لا يقابله ثمن لما يترتب عليه من
الخزي والعار في الدنيا والعذاب والعقاب في الآخرة، وبالنسبة لما يترتب على الوفاء به من المدح في الدنيا والثواب في الآخرة "إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ" من الأجر العظيم على الوفاء بالعهد "هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" مما تتعجلون أخذه من حطام الدنيا على نقضه "إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" ٩٥ ماهية العوضين وعاقبتهما في الدارين، واعلموا أيها الناس أن "ما عِنْدَكُمْ" من متاع الدنيا جميعه "يَنْفَدُ" يفنى فيها لا تأخذون معكم منه شيئا للآخرة إلا وباله "وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ" لكم ثوابه لا يقنى ويصحبكم في الآخرة، لأن من أخذ مالا على نقض العهد فقد فضل ما عنده البالي الذي يحمل ورزه في الآخرة على ما عند اللّه الباقي أجره المضاعف خيره في الدار الدائمة.
روى أبو موسى الأشعري أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال :