من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى "وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا" على ضراء العهد والبر بأيمانهم والمحافظة على وعودهم "أَجْرَهُمْ" بالآخرة "بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ" ٩٦ في الدنيا فنعطيهم بمقابلة الأدنى من أعمالهم ما نعطيه بمقابلة الأحسن منها "مَنْ عَمِلَ صالِحاً" في دنياه من وفاء العهد وغيره "مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ" لأن من لا إيمان له لا ثواب له في الآخرة، لأن اللّه تعالى يكافئه على عمله الصالح في دنياه حتى يلقى اللّه وليس له عنده شيء من الخير : فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً، بعيش رغيد وجاء مديد ومال ولد وصحة وقناعة وأمن مماة حياته مع زوجة صالحة وإخوان صالحين حتى يلقى اللّه راضيا مرضيا "وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ" بالآخرة "بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ" ٩٧ وهذا وعد حق من اللّه الحق، واللّه لا يخلف وعده.
واعلم أن هذه الآيات وإن كانت نزلت في الذين عاهدوا حضرة الرسول أوّل معاهدة عاهدها الناس له فهي عامة في كل عهد حق فيه صلاح، لأن نزولها في الجماعة الذين عاهدوا حضرة الرسول في الموسم في ٨ محرم الحرام سنة ٥٢ من ميلاده الشريف الثانية عشرة من البعثة لا يخصصها أو يقيدها بها، بل هي عامة، راجع الآية ١١٣ من آل عمران في ج ٣ تجد تفصيل هذه المعاهدة إن شاء اللّه، وإنما أخرناها عن موقعها هنا لما رأينا أن ذكرها هناك أكثر مناسبة، ومن اللّه التوفيق.


الصفحة التالية
Icon