قال تعالى "فَكُلُوا" أيها الناس "مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً" وذروا ما تفترون من تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وغيرها راجع الآية ١٣٠ من سورة المائدة في ج ٣ في تفسيرها، "وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ" عليكم "إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" ١١٤ تخصونه وحده بالعبادة "إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ" لأنها كلها تضر بأبدانكم وتختطف صحتكم وتوقعكم في الأمراض القتالة، وقد اكتشف الأطباء في عصرنا هذا وجود دودة قتالة في الخنزير سموها (ترنجيويس) وأجمعوا على أنها لا تموت بالطبخ بل تنتقل لآكل لحمه وتعيش في المعدة وتميت آكلها، ولذا منعوا أكله قبل المعاينة، حتى ان الأمير كيين هجروه بتاتا كما يقال، إلا أنهم قد هجروا الخمر قبلا ثم عادوا إليه، وفضلا عن هذا، فإن أكله يورث الجذام ويقلل الغيرة، ومنه يعلم أن اللّه تعالى لم يحرم علينا شيئا إلا لمنفعتنا وصيانة وجودنا وعقلنا من الخلل "وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ" وفي الآية ٤ من سورة المائدة الآتية (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) وهي بمعناها "فَمَنِ اضْطُرَّ" لأكل شيء من ذلك "غَيْرَ باغٍ" على الناس "وَلا عادٍ" على نفسه "فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" ١١٥ بهؤلاء المضطرين وسنأتي على تفسير هذه الآية بصورة مفصلة واضحة وبيان مضار هذه
المحرمات مع بيان الحكم الشرعي فيها في الآية المذكورة من سورة المائدة ج ٣ إن شاء اللّه، وقدمنا بعض ما يتعلق فيها في الآية ١٤٥ من سورة الأنعام المارة فراجعها "وَلا تَقُولُوا" أيها الناس "لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ" من تلقاء أنفسكم لأن التحليل والتحريم من خصائص اللّه تعالى، وذلك أنهم كانوا يحللون ويحرمون برأيهم وينسبونه إلى اللّه تعالى، كما تقدم في الآية ١٣٨ من سورة الأنعام المارة.


الصفحة التالية
Icon