شراباً مسكراً، (ورزقاً حسناً) فاكهة. قال الحسن: السكر ما شربت، والرزق الحسن ما أكلت. فيكون التفسير بثلاثة أوجه: -بالمعتصر من الثمرات، -قيل: السكر بالأنبذة المخللة على مذهبنا، وإن أسكرت، -وبالخمر [قبل] التحريم.
(وأوحى ربك إلى النحل)/ [٦٨] ألهمها، أي: جعله في طباعها ومكنها منه، [حتى] صارت سبله [لها] مذللة سهلة -أي [سبل] اتخاذ العسل-، ألا تراها كيف [تبكر] إلى الأعمال من الصباح إلى المساء، [وتقتسمها] بينها، كما يأمرها أميرها وفحلها اليعسوب، فبعضها يعمل الشمع، وبعضها يستقي الماء ويصبه في الثقب، ويلطخه بالعسل، ولا يتخذ ذلك إلا في أعلى موضع، وأحصن موقع، بحيث ينبو عن العيون ويأبى على الأقدام، كما قال الهذلي:
٦٨٦- [بأري] التي تأري لدى كل مغرب إذا اصفر قرن الشمس حان انقلابها ٦٨٧- بأري التي تأري اليعاسيب أصبحت إلى شاهق دون السماء ذؤابها ٦٨٨- جوارسها [تأري] الشعوف [دوائبا وتنصب] ألهاباً مضيقاً شعابها، وقال أيضاً: ٦٨٩- وما [ضرب] بيضاء يأوي مليكها إلى [طنف أعيا] براق ونازل
٦٩٠- [تنمى بها اليعسوب] حتى أقرها إلى مألف رحب [المباءة] عاسل. (يخرج من بطونها شراب) [٦٩] سماه شراباً، [إذ] كان مما يجيء منه الشراب. والجاحظ يقول للطاعن: -إن النحل تجني العسل بأفواهها، وتضعه كهيئته، فكيف يقال: يخرج من بطونها؟!- قال: الأمر -وإن كان كذلك- فهو يخرج من جهة أجوافها، وبطونها، ويكون العسل باطناً في فيها، وقد خاطب بهذا الكلام أهل تهامة، وهذيلاً،
وضواحي كنانة، وهؤلاء هم أصحاب العسل، والأعراب أعرف بكل صمغة سائلة، وعسلة ساقطة، فهل سمعتم بأحد أنكر هذا البيان، أو طعن عليه من هذه الجهة. (فيه شفاء للناس) [٦٩] إذ كانت المعجونات كلها/بالعسل. وفي الحديث: "من به داء قديم، فليأخذ درهماً حلالاً، وليشتر به عسلاً وليشربه بماء سماء فهو الشفاء".


الصفحة التالية
Icon