والثاني : ربما خر السقف، ولا يكون تحته أحد، فلما قال :﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فَوْقِهِمْ﴾ دل هذا الكلام على أنهم كانوا تحته، وحينئذ يفيد هذا الكلام أن الأبنية قد تهدمت وهم ماتوا تحتها.
وقوله :﴿وأتاهم العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ إن حملنا هذا الكلام على محض التمثيل فالأمر ظاهر.
والمعنى : أنهم اعتمدوا على منصوباتهم.
ثم تولد البلاء منها بأعيانها، وإن حملناه على الظاهر فالمعنى أنه نزل ذلك السقف عليهم بغتة، لأنه إذا كان كذلك كان أعظم في الزجر لمن سلك مثل سبيلهم، ثم بين تعالى أن عذابهم لا يكون مقصوراً على هذا القدر، بل الله تعالى يخزيهم يوم القيامة، والخزي هو العذاب مع الهوان، وفسر تعالى ذلك الهوان بأنه تعالى يقول لهم :﴿أَيْنَ شُرَكَآئِىَ الذين كُنتُمْ تشاقون فِيهِمْ﴾ وفيه أبحاث :
البحث الأول : قال الزجاج : قوله :﴿أَيْنَ شُرَكَائِىَ﴾ معناه : أين شركائي في زعمكم واعتقادكم.
ونظيره قوله تعالى :﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [ الأنعام : ٢٢ ] وقال أيضاً :﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾ [ يونس : ٢٨ ] وإنما حسنت هذه الإضافة لأنه يكفي في حسن الإضافة أدنى سبب، وهذا كما يقال لمن يحمل خشبة خذ طرفك وآخذ طرفي، فأضيف الطرف إليه.
البحث الثاني : قوله :﴿تشاقون فِيهِمْ﴾ أي تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم، وقيل : المشاقة عبارة عن كون أحد الخصمين في شق وكون الآخر في الشق الآخر.
البحث الثالث : قرأ نافع :﴿تشاقون﴾ بكسر النون على الإضافة، والباقون بفتح النون على الجمع.
ثم قال تعالى :﴿قَالَ الذين أُوتُواْ العلم إِنَّ الخزى اليوم والسوء عَلَى الكافرين﴾ وفيه بحثان :


الصفحة التالية
Icon