البحث الأول :﴿قَالَ الذين أُوتُواْ العلم﴾ قال ابن عباس : يريد الملائكة، وقال آخرون هم المؤمنون يقولون حين يرون خزي الكفار يوم القيامة إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين، والفائدة فيه أن الكفار كانوا ينكرون على المؤمنين في الدنيا فإذا ذكر المؤمن هذا الكلام يوم القيامة في معرض إهانة الكافر كان وقع هذا الكلام على الكافر وتأثيره في إيذائه أكمل وحصول الشماتة به أقوى.
البحث الثاني : المرجئة احتجوا بهذه الآية على أن العذاب مختص بالكافر قالوا لأن قوله تعالى :﴿إِنَّ الخزى اليوم والسوء عَلَى الكافرين﴾ يدل على أن ماهية الخزي والسوء في يوم القيامة مختصة بالكافر، وذلك ينفي حصول هذه الماهية في حق غيرهم، وتأكد هذا بقول موسى عليه السلام :﴿إِنَّا قَدْ أُوحِىَ إِلَيْنَا أَنَّ العذاب على مَن كَذَّبَ وتولى﴾ [ طه : ٤٨ ] ثم أنه تعالى وصف عذاب هؤلاء الكفار من وجه آخر فقال :﴿الذين تتوفاهم الملائكة ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ﴾ قرأ حمزة :﴿يتوفاهم الملائكة﴾ بالياء لأن الملائكة ذكور، والباقون بالتاء للفظ.
ثم قال :﴿فَأَلْقَوُاْ السلم مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ﴾ وفيه قولان :
القول الأول : أنه تعالى حكى عنهم إلقاء السلم عند القرب من الموت، قال ابن عباس : أسلموا وأقروا لله بالعبودية عند الموت.
وقوله :﴿مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوء﴾ أي قالوا ما كنا نعمل من سوء! والمراد من هذا السوء الشرك، فقالت الملائكة رداً عليهم وتكذيباً : بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون من التكذيب والشرك، ومعنى بلى رداً لقولهم :﴿مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوء﴾ وفيه قولان :
القول الأول : أنه تعالى حكى عنهم إلقاء السلم عند القرب من الموت.