أجاب صاحب "الكشاف" عنه بأن قال : المقصود منه الفصل بين جواب المقر وجواب الجاحد يعني أن هؤلاء لما سئلوا لم يتلعثموا، وأطبقوا الجواب على السؤال بينا مكشوفاً مفعولاً للإنزال فقالوا خيراً أي أنزل خيراً، وأولئك عدلوا بالجواب عن السؤال فقالوا هو أساطير الأولين وليس من الإنزال في شيء.
المسألة الثالثة :
قال المفسرون هذا كان في أيام الموسم، يأتي الرجل مكة فيسأل المشركين عن محمد وأمره فيقولون إنه ساحر وكاهن وكذاب، فيأتي المؤمنين ويسألهم عن محمد وما أنزل الله عليه فيقولون خيراً، والمعنى : أنزل خيراً.
ويحتمل أن يكون المراد الذي قالوه من الجواب موصوف بأنه خير، وقولهم خير جامع لكونه حقاً وصواباً، ولكونهم معترفين بصحته ولزومه فهو بالضد من قول الذين لا يؤمنون بالآخرة، أن ذلك أساطير الأولين على وجه التكذيب.
المسألة الرابعة :
قوله :﴿لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ﴾ وما بعده بدل من قوله :﴿خَيْرًا﴾ وهو حكاية لقول الذين اتقوا، أي قالوا هذا القول، ويجوز أيضاً أن يكون قوله :﴿لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ﴾ إخباراً عن الله، والتقدير : إن المتقين لما قيل لهم :﴿مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا﴾ ثم إنه تعالى أكد قولهم وقال :﴿لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هذه الدنيا حَسَنَةٌ﴾ وفي المراد بقوله :﴿لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ﴾ قولان، أما الذين يقولون : إن أهل لا إله إلا الله يخرجون من النار فإنهم يحملونه على قول لا إله إلا الله مع الاعتقاد الحق، وأما المعتزلة الذين يقولون : إن فساق أهل الصلاة لا يخرجون من النار يحملون قوله :﴿أَحْسَنُواْ﴾ على من أتى بالإيمان وجميع الواجبات واحترز عن كل المحرمات.
وأما قوله :﴿فِى هذه الدنيا﴾ ففيه قولان :


الصفحة التالية
Icon