القول الأول : أنه متعلق بقوله :﴿أَحْسَنُواْ﴾ والتقدير : للذين اتقوا بعمل الحسنة في الدنيا فلهم في الآخرة حسنة، وتلك الحسنة هي الثواب العظيم، وقيل : تلك الحسنة هو أن ثوابها يضاعف بعشر مرات وبسبعمائة وإلى ما لا نهاية له.
والقول الثاني : أن قوله :﴿فِى هذه الدنيا﴾ متعلق بقوله :﴿حَسَنَةٌ﴾ والتقدير : للذين أحسنوا أن تحصل لهم الحسنة في الدنيا، وهذا القول أولى، لأنه قال بعده :﴿وَلَدَارُ الآخرة خَيْرٌ﴾ وعلى هذا التقدير ففي تفسير هذه الحسنة الحاصلة في الدنيا وجوه : الأول : يحتمل أن يكون المراد ما يستحقونه من المدح والتعظيم والثناء والرفعة، وجميع ذلك جزاء على ما عملوه.
والثاني : يحتمل أن يكون المراد به الظفر على أعداء الدين بالحجة وبالغلبة لهم، وباستغنام أموالهم وفتح بلادهم، كما جرى ببدر وعند فتح مكة، وقد أجلوهم عنها وأخرجوهم إلى الهجرة، وإخلاء الوطن، ومفارقة الأهل والولد وكل ذلك مما يعظم موقعه.
والثالث : يحتمل أن يكون المراد أنهم لما أحسنوا بمعنى أنهم أتوا بالطاعات فتح الله عليهم أبواب المكاشفات والمشاهدات والألطاف كقوله تعالى :﴿والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى﴾ [ محمد : ١٧ ].
وأما قوله :﴿وَلَدَارُ الآخرة خَيْرٌ﴾ فقد بينا في سورة الأنعام في قوله :﴿وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ لّلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [ الأنعام : ٣٢ ] بالدلائل القطعية العقلية حصول هذا الخير، ثم قال :﴿وَلَنِعْمَ دَارُ المتقين﴾ أي لنعم دار المتقين دار الآخرة، فحذفت لسبق ذكرها، هذا إذا لم تجعل هذه الآية متصلة بما بعدها، فإن وصلتها بما بعدها قلت : ولنعم دار المتقين جنات عدن فترفع جنات على أنها اسم لنعم، كما تقول : نعم الدار دار ينزلها زيد.
وأما قوله :﴿جنات عَدْنٍ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon