وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الملائكة ﴾
هذا راجع إلى الكفار، أي ما ينتظرون إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم وهم ظالمون لأنفسهم.
وقرأ الأعمش وابن وَثّاب وحمزة والكسائيّ وخَلَف "يأتيهم الملائكة" بالياء.
والباقون بالتاء على ما تقدّم.
﴿ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ﴾ أي بالعذاب من القتل كيوم بدر، أو الزلزلة والخَسْف في الدنيا.
وقيل : المراد يوم القيامة.
والقوم لم ينتظروا هذه الأشياء لأنهم ما آمنوا بها، ولكن امتناعهم عن الإيمان أوجب عليهم العذاب، فأضيف ذلك إليهم، أي عاقبتهم العذاب.
﴿ كَذَلِكَ فَعَلَ الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ أي أصرّوا على الكفر فأتاهم أمر الله فهلكوا.
﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ الله ﴾ أي بتعذيبهم وإهلاكهم، ولكن ظلموا أنفسهم بالشرك.
قوله تعالى :﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ ﴾
قيل : فيه تقديم وتأخير ؛ التقدير : كذلك فعل الذين من قبلهم فأصابهم سيئات ما عملوا، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، فأصابهم عقوبات كفرهم وجزاء الخبيث من أعمالهم.
﴿ وَحَاقَ بِهِم ﴾ أي أحاط بهم ودار.
﴿ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ أي عقاب استهزائهم.
قوله تعالى :﴿ وَقَالَ الذين أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ الله مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ ﴾
أي شيئاً، و "مِن" صلة.
قال الزجاج : قالوه استهزاء، ولو قالوه عن اعتقاد لكانوا مؤمنين.
وقد مضى هذا في سورة "الأنعام" مبيّناً معنًى وإعراباً فلا معنى للإعادة.
﴿ كذلك فَعَلَ الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ أي مثل هذا التكذيب والاستهزاء فعل من كان قبلهم بالرسل فأهلكوا.
﴿ فَهَلْ عَلَى الرسل إِلاَّ البلاغ المبين ﴾ أي ليس عليهم إلا التبليغ، وأما الهداية فهي إلى الله تعالى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon