وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ هل ينظرون ﴾
يعني هؤلاء الذين أشركوا بالله وجحدوا نبوتك يا محمد ﴿ إلا أن تأتيهم الملائكة ﴾ يعني لقبض أرواحهم ﴿ أو يأتي أمر ربك ﴾ يعني بالعذاب في الدنيا وهو عذاب الاستئصال.
وقيل : المراد به يوم القيامة ﴿ كذلك فعل الذين من قبلهم ﴾ يعني من الكفر والتكذيب ﴿ وما ظلمهم الله ﴾ يعني بتعذيبه إياهم ﴿ ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ يعني باكتسابهم المعاصي، والكفر والأعمال القبيحة الخبيثة، ﴿ فأصابهم سيئات ما عملوا ﴾ يعني فأصابهم عقوبات ما اكتسبوا من الأعمال الخبيثة ﴿ وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ﴾ والمعنى ونزل بهم جزاء استهزائهم ﴿ وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ﴾ يعني أن مشركي مكة قالوا هذا على طريق الاستهزاء.
والحاصل أنهم تمسكوا بهذا القول في إنكار النبوة، فقالوا : لو شاء الله منا الإيمان لحصل جئت أو لم تجىء ولو شاء الله منا الكفر لحصل جئت أو لم تجىء.
وإذا كان كذلك فالكل من الله، فلا فائدة في بعثه رسل إلى الأمم والجواب عن هذا أنهم لما قالوا : إن الكل من الله فكانت بعثة الرسل عبثاً كان هذا اعتراضاً على الله تعالى، وهو جار مجرى طلب العلة في أحكام الله، وفي أفعاله وهو باطل لأن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فلا اعتراض لأحد عليه في أحكامه وأفعاله، ولا يجوز لأحد أن يقول لو فعلت هذا، ولم لم تفعل هذا كان في حكم الله وسنته في عباده إرسال الرسل إليهم ليأمروهم بعبادة الله تعالى، وينهوهم عن عبادة غيره وأن الهداية والإضلال إليه فمن هداه فهو المهتدي، ومن أضله فهو الضال وهذه سنة الله في عباده أنه يأمر الكل بالإيمان به وينهاهم عن الكفر.
ثم إنه سبحانه وتعالى يهدي من يشاء إلى الإيمان ويضلّ من يشاء فلا اعتراض لأحد عليه.