وقال أبو حيان :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾
خسف المكان يخسف خسوفاً ذهب، وخسفه الله يريد أذهبه في الأرض به.
﴿ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون.
أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون.
أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين.
أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءُوف رحيم ﴾ : نزلت في مشركي مكة أنكروا نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام وقالوا : الله أعظم أن يكون رسوله بشراً، فهلا بعث إلينا ملكاً؟ وتقدّم تفسير هذه الجملة في آخر يوسف، والمعنى : نوحي إليهم على ألسنة الملائكة.
وقرأ الجمهور : يوحى بالياء وفتح الحاء، وقرأت فرقة : بالياء وكسرها وعبد الله، والسلمي، وطلحة، وحفص : بالنون وكسرها.
وأهل الذكر : اليهود، والنصارى، قاله : ابن عباس، ومجاهد، والحسن.
وعن مجاهد أيضاً : اليهود.
والذكر : التوراة لقوله تعالى :﴿ ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ﴾ وعن عبد الله بن سلام، وسلمان.
وقال الأعمش، وابن عيينة : من أسلم من اليهود والنصارى.
وقال الزجاج : عام فيمن يعزى إليه علم.
وقال أبو جعفر وابن زيد : أهل القرآن.
ويضعف هذا القول وقول من قال : من أسلم من الفريقين، لأنه لا حجة على الكفار في إخبار المؤمنين، لأنهم مكذبون لهم.
قال ابن عطية : والأظهر أنهم اليهود والنصارى الذين لم يسلموا، وهم في هذه الآية النازلة، إنما يخبرون من الرسل عن البشر، وإخبارهم حجة على هؤلاء، فإنهم لم يزالوا مصدقين لهم، ولا يتهمون بشهادة لهم لنا، لأنهم مدافعون في صدر ملة محمد ( ﷺ )، وهذا هو كسر حجتهم ومذهبهم، لا أنا افتقرنا إلى شهادة هؤلاء، بل الحق واضح في نفسه.