قوله تعالى :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم ﴾ سبب نزولها أن رجلا من المسلمين كان له على رجل من المشركين دَين، فأتاه يتقاضاه، فكان فيما تكلَّم به : والذي أرجوه بعد الموت، فقال المشرك : وإِنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت؟! فأقسم بالله ﴿ لا يبعث الله من يموت ﴾، فنزلت هذه الآية، قاله أبو العالية.
و﴿ جهدَ أيمانهم ﴾ مفسر في [ المائدة : ٥٣ ].
وقوله :﴿ بلى ﴾ رَدٌّ عليهم، قال الفراء : والمعنى :﴿ بلى ﴾ ليبعثنَّهم ﴿ وعداً عليه حقاً ﴾.
قوله تعالى :﴿ لِيبيِّن لهم الذي يختلفون فيه ﴾ قال الزجاج : يجوز أن يكون متعلقاً بالبعث، فيكون المعنى : بلى يَبعثهم فيبين لهم، ويجوز أن يكون متعلقاً بقوله تعالى :﴿ ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً ﴾ ليُبيِّنَ لهم.
وللمفسرين في قوله ﴿ ليبين لهم ﴾ قولان :
أحدهما : أنهم جميع الناس، قاله قتادة.
والثاني : أنهم المشركون، يبين لهم بالبعث ما خالفوا المؤمنين فيه.
قوله تعالى :﴿ أنهم كانوا كاذبين ﴾ أي : فيما أقسموا عليه من نفي البعث.
ثم أخبر بقدرته على البعث بقوله :﴿ إِنما قولنا لشيء إِذا أردناه أن نقول له كن فيكون ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة "فيكونُ" رفعاً، وكذلك في كل القرآن.
وقرأ ابن عامر، والكسائي "فيكونَ" نصباً.
قال مكي بن إِبراهيم : من رفع، قطعه عمَّا قبله، والمعنى : فهو يكون، ومن نصب، عطفه على "يقول"، وهذا مثل قوله :﴿ وإِذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ﴾، وقد فسرناه في [ البقرة : ١١٧ ].
فإن قيل : كيف سمي الشيء قبل وجوده شيئاً؟.
فالجواب : أن الشيء وقع على المعلوم عند الله قبل الخلق، لأنه بمنزلة ما قد عُوِينَ وشَوهِدَ.
قوله تعالى :﴿ والذين هاجروا في الله ﴾ اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال :


الصفحة التالية
Icon