وقال أبو السعود :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ ﴾
وقرىء بالياء مبنياً للمفعول وهو ردٌّ لقريش حين قالوا : الله أجلُّ من أن يكون له رسولٌ من البشر، كما هو مبنى قولِهم :﴿ لَوْ شَآء الله مَا عَبَدْنَا ﴾ الخ، أي جرت السنةُ الإلهية حسبما اقتضتْه الحكمةُ بأن لا يَبعَثَ للدعوة العامة إلا بشراً يوحي إليهم بواسطة الملَك أوامرَه ونواهيَه ليبلّغوها الناس. ولما كان المقصودُ من الخطاب لرسول الله ﷺ تنبيهَ الكفار على مضمونه صُرف الخطاب إليهم فقيل :﴿ فاسألوا أَهْلَ الذكر ﴾ أي أهلَ الكتاب أو علماءَ الأخبار أو كلَّ من يُذكرُ بعلم وتحقيقٍ ليعلّموكم ذلك ﴿ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ حُذف جوابُه لدِلالة ما قبله عليه، وفيه دَلالةٌ على أنه لم يُرسِلْ للدعوة العامة ملَكاً، وقولُه تعالى :﴿ جَاعِلِ الملائكة رُسُلاً ﴾ معناه رسلاً إلى الملائكة أو إلى الرسل، ولا امرأةً ولا صبياً، ولا ينافيه نبوةُ عيسى عليه الصلاة والسلام وهو في المهْد لأنها أعمُّ من الرسالة، وإشارةٌ إلى وجوب المراجعة إلى العلماء فيما لا يُعلم.


الصفحة التالية
Icon