روى ابن أبي حاتم عن السدي قال :" اجتمعت قريش، فقالوا : إن محمداً رجل حلو اللسان، إذا كلمه الرجل ذهب بعقله، فانظروا ناسا من أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم، فابعثوا في كل طريق من طرق مكة على رأس ليلة أو ليلتين، فمن جاء يريده فردوه عنه. فخرج ناس في كل طريق فكان إذا اقبل الرجل وافدا لقومه ينظر ما يقول محمد، ووصل إليهم، قال أحدهم : انا فلان ابن فلان. فيعرفه نسبه، ويقول له : أنا أخبرك عن محمد. إنه رجل كذاب لم يتبعه على أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيهم، وأما شيوخ قومه وخيارهم فمفارقون له. فيرجع الوافد. فذلك قوله تعالى :﴿ إذا قيل لهم : ماذا أنزل ربكم؟ قالوا : أساطير الأولين ﴾. فإن كان الوافد ممن عزم الله له الرشاد، فقالوا له مثل ذلك قال : بئس الوافد لقومي إن كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل، وانظر ما يقول وآتي قومي ببيان أمره.
فيدخل مكة، فيلقى المؤمنين فيسألهم ماذا يقول محمد؟ فيقولون : خيراً... ".
فقد كانت حرب دعاية منظمة يديرها قريش على الدعوة، ويديرها امثال قريش في كل زمان ومكان من المستكبرين الذين لا يريدون الخضوع للحق والبرهان، لأن استكبارهم يمنعهم من الخضوع للحق والبرهان. فهؤلاء المستكبرون من قريش ليسوا أول من ينكر، وليسوا أول من يمكر. والسياق يعرض عليهم نهاية الماكرين من قبلهم، ومصيرهم يوم القيامة، بل مصيرهم منذ مفارقة أرواحهم لأجسادهم حتى يلقوا في الآخرة جزاءهم. يعرض عليهم هذا كله في مشاهد مصورة على طريقة القرآن المأثورة :