ويرتسم مشهد من مشاهد القيامة يقف فيه هؤلاء المستكبرون الماكرون موقف الخزي ؛ وقد انتهى عهد الاستكبار والمكر. وجاءوا إلى صاحب الخلق والأمر، يسألهم سؤال التبكيت والتأنيب :﴿ أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم؟ ﴾ أين شركائي الذين كنتم تخاصمون من أجلهم الرسول والمؤمنين، وتجادلون فيهم المقرين الموحدين؟.
ويسكت القوم من خزي، لتنطلق ألسنة الذين أوتوا العلم من الملائكة والرسل والمؤمنين وقد أذن الله لهم أن يكونوا في هذا اليوم متكلمين ظاهرين :﴿ قال الذين أوتوا العلم : إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين ﴾..
﴿ إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين ﴾.. ﴿ الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ﴾ فيعود السياق بهم خطوة قبل خطوة القيامة. يعود بهم إلى ساعة الاحتضار، والملائكة تتوفاهم ظالمين لأنفسهم بما حرموها من الإيمان واليقين، وبما اوردوها موارد الهلاك، وبما قادوها في النهاية إلى النار والعذاب.
ويرسم مشهدهم في ساعة الاحتضار، وهم قريبو عهد بالأرض، وما لهم فيها من كذب ومكر وكيد :﴿ فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء! ﴾ ألقوا السلم. هؤلاء المستكبرون. فإذا هم مستسلمون لا يهمون بنزاع أو خصام، إنما يلقون السلم ويعرضون الاستسلام! ثم يكذبون ولعله طرف من مكرهم في الدنيا فيقولون مستسلمين :﴿ ما كنا نعمل من سوء ﴾ ! وهو مشهد مخز وموقف مهين لأولئك المستكبرين!
ويجيئهم الجواب :﴿ بلى ﴾ من العليم بما كان منهم ﴿ إن الله عليم بما كنتم تعملون ﴾ فلا سبيل إلى الكذب والمغالطة والتمويه.
ويجيئهم الجزاء جزاء المتكبرين :﴿ فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين ﴾ !
وعلى الجانب الأخر : الذين اتقوا.. يقابلون المنكرين المستكبرين في المبدأ والمصير :