ومنه يعلم جواز أن يراد بأهل الذكر أهل القرآن، وما ذكره أبو حيان في تضعيفه من أنه لا حجة في إخبارهم ولا إلزام ناشىء من عدم الوقوف على هذا التحقيق الأنيق، وهذا ظاهر على تقدير تعلق ﴿ بالبينات ﴾ بيعلمون والباء على هذا التقدير سببية والمفعول محذوف عند بعض، وزعم آخر أنها زائدة والبينات هي المفعول، فافهم ذاك، والله تعالى يتولى هداك ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر ﴾ أي القرآن وهو من التذكير إما بمعنى الوعظ أو بمعنى الإيقاظ من سنة الغفلة وإطلاقه على القرآن إما لاشتماله على ما ذكر أو لأنه سبب له، ومنه يعلم وجه تسمية التوراة ونحوها ذكراً، وقيل : المراد بالذكر العلم وليس بذاك ﴿ لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ ﴾ كافة ويدخل فيهم أهل مكة دخولاً أولياً ﴿ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ في ذلك الذكر من الأحكام والشرائع وغير ذلك من أحوال القرون المهلكة بأفانين العذاب حسب أعمالهم مع أنبيائهم عليهم السلام الموجبة لذلك على وجه التفصيل بياناً شافياً كما ينبىء عنه صيغة التفعيل في الفعلين لا سيما بعد ورود الثاني أولاً على صيغة الأفعال، وعن مجاهد أن المراد بهذا التبيين تفسير المجمل وشرح ما أشكل إذ هما المحتاجان للتبيين، وأما النص الظاهر فلا يحتاجان إليه.


الصفحة التالية
Icon