وقيل : المراد به إيقافهم على حسب استعداداتهم المتفاوتة على ما خفي عليهم من أسرار القرآن وعلومه التي لا تكاد تحصى، ولا يختص ذلك بتبيين الحرام والحلال وأحوال القرون الخالية والأمم الماضية، واستأنس له بما أخرجه الحاكم وصححه عن حذيفة قال :"قام فينا رسول الله ﷺ مقاماً أخبرنا فيه بما يكون إلى يوم القيامة عقله منا من عقله ونسيه من نسيه" وهذا في معنى ما ذكره غير واحد أن التبيين أعم من التصريح بالمقصود ومن الإرشاد إلى ما يدل عليه، ويدخل فيه القياس وإشارة النص ودلالته وما يستنبط منه من العقائد والحقائق والأسرار الإلهية، ولعل قوله عز وجل :﴿ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ إشارة إلى ذلك أي وطلب أن يتأملوا فينتبهوا للحقائق وما فيه من العبر ويحترز عما يؤدي إلى ما أصاب الأولين من العذاب، وقال بعض المعتزلة : أي وإرادة أن يتفكروا في ذلك فيعلموا الحق ثم قال، وفيه دلالة على أن الله تعالى أراد من جميع الناس التفكر والنظر المؤدي إلى المعرفة بخلاف ما يقول أهل الجبر، ونحن في غنى عن تقدير الإرادة بتقدير الطلب، ومن قدرها منا أراده منها، وإلا ورد عليه عدم تأمل البعض ولعله الأكثر، وهي لا ينفك المراد عنها على المذهب الحق فلا بد من العدول عنه إلى مقابله، وقيل : أراد تعلقها بالبعض وهو المتأمل لا بالكل، وأيد بعضهم إرادة الصحابة أو ما يشملهم والنبي ﷺ من أهل الذكر فيما تقدم بذكر هذه الآية بعده وليس بذي أيد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon