وفي "التأويلات النجمية" : ولعلهم أي : وفي إنزال الذكر إليك حكمة أخرى وهي لعل الناس يتفكرون فيما يسمعون من بيان القرآن والأحكام منك على أنك أمي ما قرأت الكتب المنزلة ولا تعلمت العلوم وإنما تبين لهم من نور الذكر فيلازمون الذكر ويواظبون عليه ليصلوا إلى مقام المذكورين في متابعتك ورعاية سنتك.
ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلّم عن جلاء القلب قال :"ذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة عليّ" ولا شك أن خير الأذكار كلمة التوحيد.
قال إبراهيم الخواص رحمه الله : دواء القلب خمسة : قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع إلى الله عند السحر، ومجالسة الصالحين.
وفي "أبكار الأفكار" أفضل الذكر قراءة القرآن فإنها أفضل من الدعوة الغير المأثورة.
وأما المأثورة فقيل : إنها أفضل منها وقيل : القراءة أفضل انتهى.
وفي "نفائس المجالس" مما يجب فيه التدبر والتذكر قوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا} (التوبة : ٣٤) فالله تعالى أمر المؤمنين بالإيمان أي : بتكرار عقد القلب وتجديده كما ورد "جددوا إيمانكم بقول لا إله إلا الله".
قال بعض الكبار : قد علم بحديث التجديد أن الإيمان يقبل البلى وذلك بزوال الحب وتجديده بالتوحيد وكلمة التوحيد مركبة من النفي والإثبات فبنفي ما سوى المعبود وإثبات ما هو المقصود يصل الموحد إلى كمال الشهود وحصول ذلك بنور التلقين والكينونة التامة مع الصادقين كما قال تعالى :﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ (التوبة : ١١٩) والكينونة صورية وهي بملازمة أهل الصدق ومجالستهم ومعنوية وهي باتخاذ الأسرار وتحصيل المناسبة المعنوية فلا بد من الارتباط بواحد من الصادقين :
واعلم أن التبيين حق أهل الدعوة والإرشاد إذ ليس عليهم إلا البلاغ المبين والعمل بموجب الدعوة على العباد إذ ليس عليهم إلا قبول ما جاء من طرف النبي الأمين فإذا قبلوا ذلك ورجعوا في المشكلات إليه أو إلى وارث من ورثته الكمل علموا ما لم يعلموا ووصلوا إلى كمال العلم والعمل وحصلوا عند المقصود من نزول القرآن فطوبى لهم فلهم درجات الجنان ورؤية المنان. أ هـ ﴿روح البيان حـ ٥ صـ ٤٧ ـ ٤٨﴾