﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (٤٨) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أنه تعالى لما خوف المشركين بالأنواع الأربعة المذكورة من العذاب أردفه بذكر ما يدل على كمال قدرته في تدبير أحوال العالم العلوي والسفلي وتدبير أحوال الأرواح والأجسام، ليظهر لهم أن مع كمال هذه القدرة القاهرة، والقوة الغير المتناهية لا يعجز عن إيصال العذاب إليهم على أحد تلك الأقسام الأربعة.
المسألة الثانية :
قرأ حمزة والكسائي :﴿أَوَ لَمْ تَرَوْاْ﴾ بالتاء على الخطاب، وكذلك في سورة العنكبوت :﴿أَوَ لَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِىء الله الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ [ العنكبوت : ١٩ ] بالتاء على الخطاب، والباقون بالياء فيهما كناية عن الذين مكروا السيئات، وأيضاً أن ما قبله غيبة وهو قوله :﴿أَن يَخْسِفَ الله بِهِمُ الأرض أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب * أَوْ يَأْخُذَهُمْ﴾ [ النحل : ٤٥، ٤٦ ] فكذا قوله :﴿أَوَ لَمْ يَرَوْاْ﴾ وقرأ أبو عمرو وحده :﴿تتفيؤ﴾ بالتاء والباقون بالياء، وكلاهما جائز لتقدم الفعل على الجمع.
المسألة الثالثة :
قوله :﴿أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إلى مَا خَلَقَ الله﴾ لما كانت الرؤية ههنا بمعنى النظر وصلت بإلى، لأن المراد به الاعتبار والاعتبار لا يكون بنفس الرؤية حتى يكون معها نظر إلى الشيء وتأمل لأحواله، وقوله :﴿إلى مَا خَلَقَ الله مِن شَيْء﴾ قال أهل المعاني : أراد من شيء له ظل من جبل وشجر وبناء وجسم قائم، ولفظ الآية يشعر بهذا القيد، لأن قوله :﴿مِن شَيْء يَتَفَيَّؤُاْ ظلاله عَنِ اليمين والشمآئل﴾ يدل على أن ذلك الشيء كثيف يقع له ظل على الأرض.