يقال : وصب الشيء يصب وصوباً إذا دام، قال تعالى :﴿وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ﴾ [ الصافات : ٩ ] ويقال : واظب على الشيء وواصب عليه إذا داوم، ومفازة واصبة أي بعيدة لا غاية لها.
ويقال للعليل واصب، ليكون ذلك المرض لازماً له.
قال ابن قتيبة : ليس من أحد يدان له ويطاع، إلا انقطع ذلك بسبب في حال الحياة أو بالموت إلا الحق سبحانه، فإن طاعته واجبة أبداً.
واعلم أن قوله :﴿واصباً﴾ حال، والعامل فيه ما في الظرف من معنى الفعل.
وأقول : الدين قد يعني به الانقياد.
يقال : يا من دانت له الرقاب أي انقادت.
فقوله :﴿وله الدين واصباً﴾ أي انقياد كل ما سواه له لازم أبداً، لأن انقياد غيره له معلل بأن غيره ممكن لذاته، والممكن لذاته يلزمه أن يكون محتاجاً إلى السبب في طرفي الوجود والعدم والماهيات يلزمها الإمكان لزوماً ذاتياً، والإمكان يلزمه الاحتياج إلى المؤثر لزوماً ذاتياً، ينتج أن الماهيات يلزمها الاحتياج إلى المؤثر لزوماً ذاتياً فهذه الماهيات موصوفة بالانقياد لله تعالى أتصافاً دائماً واجباً لازماً ممتنع التغير.
وأقول : في الآية دقيقة أخرى، وهي أن العقلاء اتفقوا على أن الممكن حال حدوثه محتاج إلى السبب المرجح، واختلفوا في الممكن حال بقائه هل هو محتاج إلى السبب ؟ قال المحققون : إنه محتاج لأن علة الحاجة هي الإمكان والإمكان من لوازم الماهية فيكون حاصلاً للماهية حال حدوثها وحال بقائها فتكون علة الحاجة حال حدوث الممكن وحال بقائه، فوجب أن تكون الحاجة حاصلة حال حدوثها وحال بقائها.


الصفحة التالية
Icon