والوجه الثالث : أنه تعالى لو آخذهم لانقطع القطر وفي انقطاعه انقطاع النبت فكان لا تبقى على ظهرها دابة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه سمع رجلاً يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال : لا والله بل إن الحبارى في وكرها لتموت بظلم الظالم، وعن ابن مسعود رضي الله عنه : كاد الجعل يهلك في جحره بذنب ابن آدم، فهذه الوجوه الثلاثة من الجواب مفرعة على تسليم أن لفظة الدابة يتناول جميع الدواب.
والجواب الثاني : أن المراد من قوله : ما ترك على ظهرها من دابة أي ما ترك على ظهرها من كافر، فالمراد بالدابة الكافر، والدليل عليه قوله تعالى :﴿أولئك كالأنعام بل هم أضل﴾ [ الأعراف : ١٧٩ ] والله أعلم.
المسألة الخامسة :
الكناية في قوله :﴿عليها﴾ عائدة إلى الأرض، ولم يسبق لها ذكر، إلا أن ذكر الدابة يدل على الأرض، فإن الدابة إنما تدب عليها.
وكثيراً ما يكنى عن الأرض، وإن لم يتقدم ذكرها لأنهم يقولون ما عليها مثل فلان وما عليها أكرم من فلان، يعنون على الأرض.
ثم قال تعالى :﴿ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى﴾ ليتوالدوا، وفي تفسير هذا الأجل قولان :
القول الأول : وهو قول عطاء : عن ابن عباس أنه يريد أجل القيامة.
والقول الثاني : أن المراد منتهى العمر.
وجه القول الأول أن معظم العذاب يوافيهم يوم القيامة، ووجه القول الثاني أن المشركين يؤاخذون بالعقوبة إذا انقضت أعمارهم وخرجوا من الدنيا.
النوع الثالث : من الأقاويل الفاسدة التي كان يذكرها الكفار وحكاها الله تعالى عنهم، قوله :﴿ويجعلون لله ما يكرهون ﴾.
واعلم أن المراد من قوله :﴿ويجعلون﴾ أي البنات التي يكرهونها لأنفسهم، ومعنى قوله :﴿يجعلون﴾ يصفون الله بذلك ويحكمون به له كقوله جعلت زيداً علىلناس أي حكمت بهذا الحكم وذكرنا معنى الجعل عند قوله :﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة﴾ [ المائدة : ١٠٣ ].