وقال ابن عطية :
﴿ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ﴾
قالت فرقة ﴿ مثل ﴾ في هذه الآية بمعنى صفة، أي لهؤلاء صفة السوء ولله الوصف الأعلى.
قال القاضي أبو محمد : وهذا لا يضطر إليه، لأنه خروج عن اللفظ، بل قوله ﴿ مثل ﴾ على بابه، وذلك أنهم إذا قالوا إن البنات لله فقد جعلوا له مثلاً أبا البنات من البشر، وكثرة البنات عندهم مكروه ذميم، فهو مثل السوء الذي أخبر الله تعالى أنه لهم ليس في البنات فقط، لكن لما جعلوه هم في البنات جعله هو لهم على الإطلاق في كل سوء، ولا غاية أبعد من عذاب النار، وقوله ﴿ ولله المثل الأعلى ﴾ على الإطلاق أيضاً في الكمال المستغني، وقال قتادة :﴿ المثل الأعلى ﴾ لا إله إلا الله، وباقي الآية بين، وقوله ﴿ ولو يؤاخذ الله الناس ﴾ الآية، وآخذ هو تفاعل من أخذ، كأن أحد المتواخذين يأخذ من الآخر، إما بمعصية كما هي في حق الله تعالى، أو بإذاية في جهة المخلوقين، فيأخذ الآخر من الأول بالمعاقبة والجزاء، وهي لغتان واخذ وآخذ، و﴿ يؤاخذ ﴾ يصح أن يكون من آخذ، وأما كونها من واخذ فبين، والضمير في ﴿ عليها ﴾ عائد على الأرض، وتمكن ذلك مع أنه لم يجر لها ذكر لشهرتها، وتمكن الإشارة لها كما قال لبيد في الشمس :
حتى إذا ألقت يداً في كافر... وأجنَّ عورات البلاد ظلامُها