ومنه قول تعالى ﴿ حتى توارت بالحجاب ﴾ [ ص : ٣٢ ] ولم يجر للشمس ذكر، وقوله ﴿ من دابة ﴾ دخلت ﴿ من ﴾ لاستغراق الجنس، وظاهر الآية أن الله تعالى أخبر أنه لم أخذ الناس بعقاب يستحقونه بظلمهم في كفرهم ومعاصيهم لكان ذلك العقاب يهلك منه جميع ما يدب على الأرض من حيوان فكأنه بالقحوط أو بأمر يصيبهم من الله تعالى، وعلى هذا التأويل قال بعض العلماء : كاد الجُعَل أن يهلك بذنوب بني آدم، ذكره الطبري، وروي عن النبي ﷺ أنه قال :" إن الله تعالى ليهزل الحوت في الماء والطير في الهواء بذنوب العصاة "، وسمع أبو هريرة رجلاً يقول : إن الظالم لا يهلك إلا نفسه، فقال أبو هريرة : بلى إن الله ليهلك الحبارى في وكرها هزلاً بذنوب الظلمة، وقد نطقت الشريعة في أخبارها بأن الله تعالى أهلك الأمم بريها وعاصيها بذنوب العصاة منهم، وقالت فرقة : قوله :﴿ من دابة ﴾، يريد من أولئك الظلمة فقط، ويدل على هذا التخصيص، أن الله لا يعاقب أحداً بذنب أحد، واحتجب بقول الله تعالى ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ [ الأنعام : ١٦٤ ] وهذا معنى آخر، وذلك أن الله تعالى لا يجعل العقوبة تقصد أحداً بسبب إِذْنَاب غيره، ولكن إذا أرسل عذاباً على أمة عاصية، لم يمكن البري التخليص من ذلك العذاب، فأصابه العذاب لا بأنه له مجازاة، ونحو هذا قوله