﴿ واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ﴾ [ الأنفال : ٢٥ ] وقيل للنبي ﷺ : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال " نعم إذا كثر الخبث "، ثم لا بد من تعلق ظلم ما بالأبرياء، وذلك بترك التغير ومداهنة أهل الظلم ومداومة جوارهم، و" الأجل المسمى " في هذه الآية هو بحسب شخص شخص، وفي معنى الآية مع أمائرها اختصار وإيجاز، وقوله ﴿ ما يكرهون ﴾ يريد البنات، و﴿ ما ﴾ في هذا الموضع تقع لمن يعقل من حيث هو صنف وقرأ الحسن " ألسنتهم الكذب " بسكون النون كراهية توالي الحركات، وقرأ الجمهور " الكذِب " بكسر الذال، ف ﴿ أن ﴾ بدل منه، وقرأ معاذ بن جبل وبعض أهل الشام " الكُذُب " بضم الكاف والذال والباء على صفة الألسنة، و﴿ أن لهم ﴾ مفعول ب ﴿ تصف ﴾، و﴿ الحسنى ﴾ قال مجاهد وقتادة : الذكور من الأولاد، وهو الأسبق من معنى الآية، وقالت فرقة يريد الجنة.
قال القاضي أبو محمد : ويؤيد هذا قوله ﴿ لا جرم أن لهم النار ﴾ ومعنى الآية على هذا التأويل يجعلون لله المكروه ويدعون مع ذلك أنهم يدخلون الجنة، كما تقول لرجل أنت تعصي الله، وتقول مع ذلك أنت تنجو، أي هذا بعيد مع هذا، ثم حكم عليهم بعد ذلك بالنار، وقد تقدم القول في ﴿ لا جرم ﴾، وقرأ الجمهور " أن لهم " بفتح الهمزة، وإعرابها بحسب تقدير ﴿ جرم ﴾، فمن قدرها بكسب فعلهم فهو نصب، ومن قدرها بوجب فهو رفع، وقرأ الحسن وعيسى بن عمران " إن لهم " بكسر الهمزة وقرأ السبعة سوى نافع " مفرَطون " بفتح الراء وخفتها، ومعناه مقدمون إلى النار والعذاب، وهي قراءة الحسن والأعرج وأصحاب ابن عباس، وقد رويت عن نافع، وهو مأخوذ من فرط الماء وهم القوم الذين يتقدمون إلى المياه لإصلاح الدلاء والأرشية، ومنه قول النبي ﷺ " أنا فرطكم على الحوض " ومنه قول القطامي :
واستعجلونا وكانوا من صحابتنا... كما تعجل فرّاطٌ لورّاد


الصفحة التالية
Icon