وقالت فرقة :﴿ مفرطون ﴾ معناه مخلفون متركون في النار منسيون فيها، قاله سعيد بن جبير ومجاهد وابن أبي هند، وقال آخرون ﴿ مفرطون ﴾ معناه مبعدون في النار، وهذا قريب من الذي قبله، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع " مُفَرِّطون " بكسر الراء وتشديدها وفتح الفاء، ومعناه مقصرون في طاعة الله تعالى، وقد روي عنه فتح الراء مع شدها، وقرأ نافع وحده " مُفرِطون " بكسر الراء وخفتها، وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس وأبي رجاء وشيبة بن نصاح وأكثر أهل المدينة، أي يتجاوزون الحد في معاصي الله عز وجل.
﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾
هذه آية ضرب مثلاً لهم بمن تقدم وفي ضمنها وعيد لهم وتأنيس للنبي صلى الله عليه ولم، وقوله ﴿ اليوم ﴾ يحتمل أن يريد يوم الإخبار بهذه الآية، وهو بعد موت أولئك الأمم المذكورة، أي لا ولي لهم منذ ماتوا واحتاجوا إلى الغوث إلا الشيطان، ويحتمل أن يريد يوم القيامة، والألف واللام فيه للعهد، أي " هو وليهم " في " اليوم " المشهور وهو وقت الحاجة والفصل، ويحتمل أن يريد ﴿ فهو وليهم ﴾ مدة حياتهم، ثم انقطعت ولايته بموتهم، وعبر عن ذلك بقوله ﴿ اليوم ﴾ تمثيلاً للمخاطبين بمدة حياتهم، كما تقول لرجل شاب تحضه على طلب العلم : يا فلان لا يدرس أحد من الناس إلا اليوم، تريد في مثل سنك هذه. فكأنه قال لهؤلاء :﴿ فهو وليهم ﴾ في مثل حياتكم هذه، وهي التي كانت لهم، وسائر الآية وعيد. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon