وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة ﴾
أي لهؤلاء الواصفين لله البنات ﴿ مَثَلُ السوء ﴾ أي صفة السوء من الجهل والكفر.
وقيل : هو وصْفُهم الله تعالى بالصاحبة والولد.
وقيل : أي العذاب والنار.
﴿ وَلِلَّهِ المثل الأعلى ﴾ أي الوصف الأعلى من الإخلاص والتوحيد ؛ قاله قتادة.
وقيل : أي الصفة العليا بأنه خالق رازق قادر ومجازٍ.
وقال ابن عباس :"مثل السوء" النار، و "المثل الأعلى" شهادة أن لا إله إلا الله.
وقيل : ليس كمثله شيء.
وقيل :﴿ وَلِلَّهِ المثل الأعلى ﴾ كقوله :﴿ الله نُورُ السماوات والأرض مَثَلُ نُورِهِ ﴾ [ النور : ٣٥ ].
فإن قيل : كيف أضاف المثل هنا إلى نفسه وقد قال :﴿ فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأمثال ﴾ فالجواب أن قوله :﴿ فلا تضربوا لله الأمثال ﴾ [ النحل : ٧٤ ] أي الأمثال التي توجب الأشباه والنقائص ؛ أي لا تضربوا لله مثلاً يقتضي نقصاً وتشبيهاً بالخلق.
والمثل الأعلى وصفه بما لا شبيه له ولا نظير، جَلّ وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون عُلُوّاً كبيراً.
﴿ وَهُوَ العزيز الحكيم ﴾ تقدّم معناه.
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِظُلْمِهِمْ ﴾
أي بكفرهم وافترائهم، وعاجَلهم.
﴿ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا ﴾ أي على الأرض فهو كناية عن غير مذكور، لكن دل عليه قوله :﴿ مِن دَآبَّةٍ ﴾ فإن الدابة لا تَدِبّ إلا على الأرض.
والمعنى المراد من دابة كافرة، فهو خاص.
وقيل : المعنى أنه لو أهلك الآباء بكفرهم لم تكن الأبناء.
وقيل : المراد بالآية العموم ؛ أي لو آخذ الله الخلق بما كسبوا ما ترك على ظهر هذه الأرض من دابة من نبيّ ولا غيره ؛ وهذا قول الحسن.


الصفحة التالية
Icon