وقال ابن مسعود وقرأ هذه الآية : لو آخذ الله الخلائق بذنوب المذنبين لأصاب العذابُ جميع الخلق حتى الجِعْلان في جُحْرها، ولأمسك الأمطار من السماء والنبات من الأرض فمات الدواب، ولكن الله يأخذ بالعفو والفضل ؛ كما قال :﴿ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾ ﴿ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ ﴾ أي أجل موتهم ومنتهى أعمارهم.
﴿ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ وقد تقدّم.
فإن قيل : كيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمناً ليس بظالم؟ قيل : يجعل هلاك الظالم انتقاماً وجزاء، وهلاك المؤمن معوَّضاً بثواب الآخرة.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله ﷺ يقول :" إذا أراد الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بُعثوا على نياتهم " " وعن أم سَلمة وسئلت عن الجيش الذي يخسف به وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت قال رسول الله ﷺ : يعوذ بالبيت عائذ فيُبعث إليه بَعْث فإذا كانوا ببَيْداء من الأرض خُسِف بهم فقلت : يا رسول الله، فكيف بمن كان كارهاً؟ قال :"يخسَف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته" " وقد أتينا على هذا المعنى مُجَوَّداً في ( كتاب التذكرة ) وتقدم في "المائدة" وآخر "الأنعام" ما فيه كفاية، والحمد لله.
وقيل :"فإذا جاء أجلهم" أي فإذا جاء يوم القيامة.
والله أعلم.
قوله تعالى :﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ ﴾
أي من البنات.
﴿ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الكذب ﴾ أي وتقول ألسنتهم الكذب.
﴿ أَنَّ لَهُمُ الحسنى ﴾ قال مجاهد : هو قولهم أن لهم البنين ولله البنات.
"الكذِب" مفعول "تصِف" و "أنّ" في محل نصب بدل من الكذب ؛ لأنه بيان له.
وقيل :"الحسنى" الجزاء الحسن ؛ قاله الزجاج.