وقرأ ابن عباس وأبو العالية ومجاهد وابن مُحَيْصِن "الكُذُبُ" برفع الكاف والذال والباء نعتاً للألسنة ؛ وكذا ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكذب ﴾ والكُذُب جمع كذوب، مثل رَسُول ورُسُل وصبُور وصبر وشَكُور وشُكُر.
﴿ لاَ ﴾ رَدٌّ لقولهم، وتَمّ الكلام، أي ليس كما تزعمون.
﴿ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النار ﴾ أي حقاً أن لهم النار.
وقد تقدّم مستوفىً.
﴿ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ ﴾ متركون منسيون في النار ؛ قاله ابن الأعرابيّ وأبو عبيدة والكسائيّ والفرّاء، وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد.
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير أيضاً : مبعدون.
قتادة والحسن : معجلون إلى النار مقدمون إليها.
والفارط : الذي يتقدم إلى الماء ؛ ومنه قول النبيّ ﷺ :" أنا فَرَطُكم على الحوض " أي متقدّمكم.
وقال القَطَاميّ :
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا...
كما تعجّل فُرّاط لوُرّاد
والفرّاط : المتقدّمون في طلب الماء.
والورّاد : المتأخرون.
وقرأ نافع في رواية وَرْش "مُفْرِطون" بكسر الراء وتخفيفها، وهي قراءة عبد الله بن مسعود وابن عباس، ومعناه مسرفون في الذنوب والمعصية، أي أفرطوا فيها.
يقال : أفرط فلان على فلان إذا أرْبَى عليه، وقال له أكثر مما قال من الشر.
وقرأ أبو جعفر القارىء "مُفَرِّطون" بكسر الراء وتشديدها، أي مضيّعون أمر الله ؛ فهو من التفريط في الواجب.
قوله تعالى :﴿ تالله لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ ﴾
أي أعمالهم الخبيثة.
هذا تسلية للنبيّ ﷺ بأن من تقدّمه من الأنبياء قد كفر بهم قومهم.
﴿ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليوم ﴾ أي ناصرهم في الدنيا على زعمهم.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ في الآخرة.
وقيل :"فهو ولِيّهم" أي قرينهم في النار.
﴿ اليوم ﴾ يعني يوم القيامة، وأطلق عليه اسم اليوم لشهرته.
وقيل يقال لهم يوم القيامة : هذا وليّكم فاستنصروا به لينجيكم من العذاب، على جهة التوبيخ لهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٠ صـ ﴾