لما حكى الله تعالى عن الكفار عظيم ما ارتكبوه من الكفر ونسبة التولد له، بيَّن تعالى أنه يمهلهم ولا يعاجلهم بالعقوبة إظهاراً لفضله ورحمته.
ويؤاخذ : مضارع آخذ، والظاهر أنه بمعنى المجرد الذي هو أخذه.
وقال ابن عطية : كان أحد المؤاخذين يأخذ من الآخر، إما بمعصية كما هي في حق الله تعالى، أو بإذاية في جهة المخلوقين، فيأخذ الآخر من الأول بالمعاقبة والجزاء انتهى.
والظاهر : عموم الناس.
وقيل : أهل مكة، والباء في بظلمهم للسبب.
وظلمهم كفرهم ومعاصيهم.
والضمير في عليها عائد على غير مذكور، ودل على أنه الأرض قوله : من دابة، لأن الدبيب من الناس لا يكون إلا في الأرض، فهو كقوله :﴿ فأثرن به نقعاً ﴾ أي بالمكان لأن ﴿ والعاديات ﴾ معلوم أنها لا تعدو إلا في مكان، وكذلك الإثارة والنقع.
والظاهر عموم من دابة فيهلك الصالح بالطالح، فكان يهلك جميع ما يدب على الأرض حتى الجعلان في جحرها قاله : ابن مسعود.
قال قتادة : وقد فعل تعالى في زمن نوح عليه السلام.
وقال السدي ومقاتل : إذا قحط المطر لم تبق دابة إلا هلكت.
وسمع أبو هريرة رجلاً يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال : بلى والله حتى أن الحبارى لتموت في وكرها بظلم الظالم.
وهذا نظير :﴿ واتقوا فتنة ﴾ الآية والحديث "أنهلك وفينا الصالحون" وقال ابن السائب، واختاره الزجاج : من دابة من الإنس والجن.
وقال ابن جريج : من الناس خاصة.
وقالت فرقة منهم ابن عباس : من دابة من مشرك يدب عليها، ولكن يؤخرهم إلى أجل الآية، تقدّم تفسير ما يشبهه في الأعراف.
وما في ما يكرهون لمن يعقل، أريد بها النوع كقوله :﴿ فانكحوا ما طاب لكم ﴾ ومعنى : ويجعلون، يصفونه بذلك ويحكمون به.