وقال ابن عطية :
قوله ﴿ وقال الله ﴾ الآية،
آية نهي من الله تعالى عن الإشراك به ومعناها لا تتخذوا إلهين اثنين فصاعداً، بما ينصه من قوله ﴿ إنما هو إله واحد ﴾، قالت فرقة المفعول الأول ب ﴿ تتخذوا ﴾ قوله ﴿ إلهين ﴾، وقوله ﴿ اثنين ﴾ تأكيد وبيان بالعدد، وهذا معروف في كلام العرب أن يبين المعدود وبذكر عدده تأكيداً، ومنه قوله ﴿ إله واحد ﴾ لأن لفظ ﴿ إله ﴾ يقتضي الانفراد، وقال قوم منهم : المفعول الثاني محذوف تقديره معبوداً أو مطاعاً ونحو هذا، وقالت فرقة : المفعول الأول ﴿ اثنين ﴾، والثاني قوله ﴿ إلهين ﴾، وتقدير الكلام لا تتخذوا اثنين إلهين، ومثله قوله تعالى ﴿ ألا تتخذوا من دوني وكيلاً ذرية من حملنا مع نوح ﴾ [ الإسراء : ٢-٣ ] ففي هذه الآية على بعض الأقوال تقديم المفعول الأول ل ﴿ تتخذوا ﴾، وقوله ﴿ فإياي ﴾ منصوب بفعل مضمر تقديره فارهبوا إياي فارهبون ولا يعمل فيه الفعل لأنه قد عمل في الضمير المتصل به، وقوله ﴿ وله ما في السموات ﴾ الآية، الواو في قوله ﴿ وله ﴾ عاطفة على قوله :﴿ إله واحد ﴾، وجائز أن يكون واو ابتداء، و﴿ ما ﴾ عامة جميع الأشياء مما يعقل ومما لا يعقل، و﴿ السماوات ﴾ هنا كل ما ارتفع من الخلق في جهة فوق، فيدخل فيه العرش والكرسي، و﴿ الدين ﴾ الطاعة والملك كما قال زهير في دين عمرو : وحالت بيننا فدك. أي في طاعته وملكه و" الواصب " القائم، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحاك وقال الشاعر [ أبي الأسود ] :[ الكامل ]
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه... يوماً بذم الدهر أجمع واصبا
ومنه قول حسان :[ المديد ]
غيرته الريح تسفي به وهزيم رعده واصب... وقالت فرقة : هو من الوصب وهو التعب، أي وله الدين على تعبه ومشقته.