قال :" والذي ذكر سيبويهِ هو الفرق بين مَفاعِل ومفاعِيل وبين أفعال وفُعول، وإن كان الجميعُ أبنيةً للجمع من حيث إنَّ مفاعِل ومفاعِيل لا يُجْمعان وأَفْعالاً وفُعولاً قد يَخْرُجان إلى بناءٍ يُشبِه مَفَاعِل أو مفاعيل، فلمّا كانا قد يَخْرُجان إلى ذلك انصرفا، ولم يَنصَرِفْ مَفَاعِل ومفاعيل لشِبْه ذَيْنك بالمفردِ ؛ من حيث إنه يمكن جمعُها وامتناعُ هذين من الجمع، ثم قَوِيَ شَبَهُهما بالمفرد بأنَّ بعض العرب يقول في أُتِيّ :" أُتِيّ " بضمِّ الهمزة، يعني أنه قد جاءَ نادراً فُعول من غير المصدرِ للمفرد، وبأنَّ بعضَ العربِ قد يُوْقعُ أفعالاً للمفرد من حيث أفرد الضميرَ فيقول :" هو الأنعامُ "، وإنما يعني أنَّ ذلك على سبيل المجاز ؛ لأن الأنعامَ في معنى النَّعَم، والنَّعَمُ مفردٌ كما قال :

٢٩٩٢- تَرَكْنا الخيلَ والنَّعَمَ المُفَدَّى وقلنا للنساءِ بها أَقيمي
ولذلك قال سيبويه :" وأمَّا أَفْعال فقد يقع للواحد " فقوله " قد يقع للواحد " دليلٌ على أنه ليس ذلك بالوضْعِ، فقولُ الزمخشري :" أنه ذكره في الأسماء المفردة على أَفْعال " تحريفٌ في اللفظ، وفَهِمَ عن سيبويه ما لم يُرِدْه. ويَدُلُّ على ما قلناه أنَّ سيبويه حيث ذَكَرَ أبنيةَ الأسماء المفردةِ نَصَّ على أنَّ أَفْعالاً ليس من أبنيتها. قال سيبويه في باب ما لحقته الزيادةُ من بنات الثلاثة :" وليس في الكلام أُفْعِيل ولا أَفْعَوْل ولا أُفْعال ولا أَفْعِيْل ولا أَفْعال، إلا أن تُكَسَّرَ عليه اسماً للجمع ". قال :" فهذا نصُّ منه على أنَّ أَفْعالاً لا يكون في الأسماء المفردة ".


الصفحة التالية
Icon