قلتُ : الذي ذكره الزمخشريُّ هو ظاهرُ عبارةِ سيبويه وهو كافٍ في تسويغ عَوْد الضمير مفرداً، وإن كان أَفْعال قد يقع موقعَ الواحد مجازاً فإنَّ ذلك ليس بضائرٍ فيما نحن بصددِه، ولم يُحَرِّفْ لفظَه، ولم يَفْهَمْ عنه غيرَ مرادِه، لِما ذكرْتُه من هذا المعنى الذي قَصَدَه.
وقيل : إنما ذَكَّر الضميرَ لأنه يعودُ على البعض وهو الإِناث ؛ لأنَّ الذكورَ لا أَلْبانَ لها، فكأنَّ العِبْرَة هي بعض الأنعام. وقال الكسائي :" أي في بطونِ ما ذَكَرَ ". قال المبرد :" وهذا شائعٌ في القرآن، قال تعالى :﴿ كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ ﴾ [ عبس : ١١١٢ ]، أي : ذَكَر هذا الشيءَ. وقال تعالى :﴿ فَلَماَّ رَأَى الشمس بَازِغَةً قَالَ هذا رَبِّي ﴾ [ الأنعام : ٧٨ ]، أي : هذا الشيءُ الطالعُ، ولا يكون هذا إلا في التأنيث المجازيِّ، لا يجوز : جاريتُك ذهب ". قلت : وعلى ذلك خُرِّج قوله :
٢٩٩٣- فيها خطوطٌ مِنْ سوادٍ وبَلَقْ | كأنه في الجِلدِ تَوْليْعُ البَهَقْ |
٢٩٩٤- مثل الفراخِ نُتِفَتْ حواصِلُهْ... وقيل : أنه يَسُدُّ مَسَدَّه واحدٌ يُفْهِم الجمعَ، فإنه يَسُد مَسَدَّه " نَعَم "، و " نَعَم " يُفْهِم الجمعَ ومثلُه قولُه :
٢٩٩٥- وطابَ أَلْبانُ الِّلقاحِ وبَرَدْ... لأنه يَسُدُّ مَسَدَّها لَبَن، ومثلُه قولهم " هو أحسنُ الفتيان وأجملُه "، أي : أحسنُ فتىً، إلا أن هذا لا ينقاس عند سييويه وأتباعِه.