وقوله :﴿إِنَّ الله عَلِيمٌ﴾ قال ابن عباس : يريد بما صنع أولياؤه وأعداؤه ﴿قدير﴾ على ما يريد.
المسألة الثالثة :
هذه الآية كما تدل على وجود إله العالم الفاعل المختار، فهي أيضاً تدل على صحة البعث والقيامة، وذلك لأن الإنسان كان عدماً محضاً فأوجده الله ثم أعدمه مرة ثانية، فدل هذا على أنه لما كان معدوماً في المرة الأولى، وكان عوده إلى العدم في المرة الثانية جائزاً، فكذلك لما صار موجوداً، ثم عدم وجب أن يكون عوده إلى الوجود في المرة الثانية جائزاً، وأيضاً كان ميتاً حين كان نطفة ثم صار حياً ثم مات فلما كان الموت الأول جائزاً كان عود الموت جائزاً، فكذلك لما كانت الحياة الأولى جائزة، وجب أن يكون عود الحياة جائزاً في المرة الثانية، وأيضاً الإنسان في أول طفوليته جاهل لا يعرف شيئاً، ثم صار عالماً عاقلاً فاهماً، فلما بلغ أرذل العمر عاد إلى ما كان عليه في زمان الطفولية، وهو عدم العقل والفهم، فعدم العقل والفهم في المرة الأولى عاد بعينه في آخر العمر، فكذلك العقل الذي حصل، ثم زال وجب أن يكون جائز العود في المرة الثانية، وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أن الذي مات وعدم فإنه يجوز عود وجوده وعود حياته وعود عقله مرة أخرى ومتى كان الأمر كذلك، ثبت أن القول بالبعث والحشر والنشر حق، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٠ صـ ٥٦ ـ ٦٣﴾