وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وأوحى ربك إلى النحل ﴾ الآية،
الوحي في كلام العرب إلقاء المعنى من الموحي إلى الموحى إليه في خفاء، فمنه الوحي إلى الأنبياء برسالة الملك، ومنه وحي الرؤيا، ومنه وحي الإلهام، وهو الذي في آياتنا هذه باتفاق من المتأولين، والوحي أيضاً بمعنى الأمر، كما قال تعالى ﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ [ الزلزلة : ٥ ]. وقرأ يحيى بن وثاب " إلى النّحَل " بفتح الحاء و﴿ أن ﴾ في قوله ﴿ أن اتخذي ﴾ مفسرة، وقد جعل الله بيوت النحل في هذه الثلاثة الأنواع، إما في الجبال وكُواها، وإما في متجوف الأشجار، وإما فيما يعرش ابن آدم من الأجباح والحيطان ونحوها، و" عرش " معناه هيأ، وأكثر ما يستعمل فيما يكون من إتقان الأغصان والخشب وترتيب ظلالها، ومنه العريش الذي صيغ لرسول الله ﷺ يوم بدر، ومن هذا هي لفظة العريش، ويقال عرش يعرِش بكسر الراء وضمها، وقرىء بهما، قرأ ابن عامر بالضم وسائرهم بالكسر، واختلف عن عاصم، وجمهور الناس على كسر، وقرأ بالضم أبو عبد الرحمن وعبيد بن نضلة، وقال ابن زيد في قوله :﴿ يعرشون ﴾ قال الكروم، وقال الطبري ﴿ ومما يعرشون ﴾ يعني ما يبنون من السقوف.