﴿ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾ جعل الله بيوت النحل في هذه الثلاثة الأنواع، إما في الجبال وكِوَاها، وإما في متجوّف الأشجار، وإما فيما يعرِش ابن آدم من الأجباح والخلايا والحيطان وغيرها.
وعرَش معناه هنا هيّأ، وأكثر ما يستعمل فيما يكون من إتقان الأغصان والخشب وترتيب ظلالها ؛ ومنه العريش الذي صنع لرسول الله ﷺ يوم بدر، ومن هذا لفظة العرش.
يقال : عرش يَعْرِش ويعرُش ( بكسر الراء وضمها )، وقرىء بهما.
قرأ ابن عامر بالضم وسائرهم بالكسر، واختلف في ذلك عن عاصم.
الثالثة قال ابن العربيّ : ومن عجيب ما خلق الله في النحل أن ألهمها لاتخاذ بيوتها مسدّسة، فبذلك اتصلت حتى صارت كالقطعة الواحدة، وذلك أن الأشكال من المثلّث إلى المعشر إذا جُمع كلّ واحد منها إلى أمثاله لم يتصل وجاءت بينهما فُرج، إلا الشكل المسدّس ؛ فإنه إذا جمع إلى أمثاله اتصل كأنه كالقطعة الواحدة.
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثمرات ﴾
وذلك أنها إنما تأكل النوّار من الأشجار.
﴿ فاسلكي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً ﴾ أي طرق ربك.
والسّبل : الطرق، وأضافها إليه لأنه خالقها.
أي ادخلي طرق ربك لطلب الرزق في الجبال وخلال الشجر.
﴿ ذُلُلاً ﴾ جمع ذلول وهو المنقاد ؛ أي مطيعة مسخرة.
ف "ذللاً" حال من النحل.
أي تنقاد وتذهب حيث شاء صاحبها ؛ لأنها تتبع أصحابها حيث ذهبوا ؛ قاله ابن زيد.
وقيل : المراد بقوله "ذُلُلاً" السبل.
واليَعْسُوب سيد النحل، إذا وقف وقفت وإذا سار سارت.
قوله تعالى :﴿ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ ﴾ فيه تسع مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا ﴾ رجع الخطاب إلى الخبر على جهة تعديد النعمة والتنبيه على العبرة فقال :"يخرج من بطونها شراب" يعني العسل.


الصفحة التالية
Icon