لكن قد حملته طائفة من أهل الصدق والعزم على العموم، فكانوا يستشفون بالعسل من كل الأوجاع والأمراض، وكانوا يشفون من عللهم ببركة القرآن وبصحة التصديق والإيقان.
ابن العربي : ومن ضعفت نيته وغلبته على الدِّين عادته أخذه مفهوماً على قول الأطباء، والكلُّ مِن حِكَم الفَعّال لما يشاء.
الخامسة إن قال قائل : قد رأينا من ينفعه العسل ومن يضره، فكيف يكون شفاء للناس؟ قيل له : الماء حياة كل شيء وقد رأينا من يقتله الماء إذا أخذه على ما يضاده من علة في البدن، وقد رأينا شفاء العسل في أكثر هذه الأشربة ؛ قال معناه الزجاج.
وقد اتفق الأطباء عن بَكْرة أبيهم على مدح عموم منفعة السّكنجبين في كل مرض، وأصله العسل وكذلك سائر المعجونات، على أن النبيّ ﷺ قد حَسَم داء الإشكال وأزاح وجه الاحتمال حين أمر الذي يشتكي بطنه بشرب العسل.
فلما أخبره أخوه بأنه لم يزده إلا استطلاقاً أمره بعود الشراب له فبرىء ؛ وقال :"صدق الله وكذب بطن أخيك".
السادسة اعترض بعض زنادقة الأطباء على هذا الحديث فقال : قد أجمعت الأطباء على أن العسل يسهل فكيف يوصف لمن به الإسهال ؛ فالجواب أن ذلك القول حق في نفسه لمن حصل له التصديق بنبيّه عليه السلام، فيستعمله على الوجه الذي عينه وفي المحل الذي أمره بعقد نية وحسن طويّة، فإنه يرى منفعته ويدرك بركته، كما قد اتفق لصاحب هذا العسل وغيره كما تقدّم.
وأما ما حكي من الإجماع فدليل على جهله بالنقل حيث لم يقيّد وأطلق.